بطولات عالمية

أبويل نيقوسيا يخطف الأضواء في دوري الأبطال

عندما أقيمت قرعة النسخة الحالية من دوري أبطال أوروبا وأسفرت عن وقوع فرق شاختار دونيتسك الأوكراني وبورتو البرتغالي وزينيت سان بطرسبرغ الروسي وأبويل القبرصي ضمن المجموعة السابعة، اعتقد الجميع وقتها أن هذه المجموعة تحديداً وعلى الرغم من خلوّها من الأندية الكبيرة صاحبة السطوة في البطولة، إلا أنها ستشهد صراعاً كبيراً ومثيراً على حجز بطاقتي التأهل إلى الدور ثمن النهائي نظراً لأنها تضم ثلاثة فرق متقاربة المستوى بشكل كبير وهي شاختار وبورتو وزينيت، فكل هذه الفرق نجحت في الفوز ببطولة أوروبية على الأقل في السنوات الأخيرة، حيث حصد شاختار لقب آخر نسخ كأس الاتحاد الأوروبي عام 2009 بالفوز على بريمن (2-1) بينما أحرز زينيت الروسي لقب كأس الاتحاد الأوروبي أيضاً عام 2008 بعد تغلبه على رينجرز الاسكتلندي بهدفين نظيفين، فيما توّج بورتو البرتغالي بلقب بطولة الدوري الأوروبي العام الماضي بجانب إنجازه التاريخي بفوزه بدوري أبطال أوروبا عام 2004.

ذهبت كل الترشيحات في المجموعة السابعة إلى الثلاثة الكبار وأغفلت تماماً أي دور من الممكن أن يقوم به أبويل حتى على صعيد اقتناص بعض النقاط التي من الممكن أن تتيح له الحصول على المركز الثالث ليتأهل بالتالي إلى مسابقة الدوري الأوروبي، خاصة وأن الفريق القبرصي يمتلك سابقة شهيرة عندما خاض غمار منافسات دوري أبطال أوروبا أيضاً موسم 2009-2010 ضمن المجموعة الرابعة التي ضمت معه كل من تشلسي الإنكليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني بالإضافة إلى بورتو أيضاً، ونجح الفريق في تحقيق بعض النتائج الهامة مثل التعادل مرتين من أتلتيكو والتعادل خارج ملعبه مع تشلسي (2-2) إلا أنه رغم ذلك عاد وودع البطولة بعد حصوله على المركز الأخير في المجموعة برصيد ثلاث نقاط فقط، ففشل بالتالي في التأهل إلى كأس الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى ذلك فإن كل مشاركات حامل لقب الدوري القبرصي في دوري أبطال أوروبا جاءت مخيبة للآمال، فقد خرج من الدور الأول موسم (1992-1993) كما ودع المنافسات من الدور التأهيلي الثالث موسم (2002-2003) بجانب إلى خروجه من الدور التأهيلي الثاني موسم (2004-2005)، وهو ما جعل الكثير من عشاقه وأنصاره يشفقون عليه من الوقوع في هذه المجموعة الشرسة.

انطلاقة مدوية

ووسط كل هذه الإرهاصات والتوقعات بعدم التوفيق خاض بطل قبرص غمار المنافسات، فإذا به يقلب الطاولة على جميع منافسيه ويخالف كل التوقعات ويثبت عدم دقتها، فإذا بالفريق الذي اعتقد الجميع أنه سيكون كالحمل الوديع ينقلب إلى خصم عنيد وند قوي قادر على إحراج منافسيه في عقر دارهم وإسقاطهم على ملعبه في العاصمة القبرصية نيقوسيا.

افتتح أبويل مشواره في دوري الأبطال بالفوز على ضيفه زينيت بهدفين مقابل هدف في مباراة تقدم فيها الضيوف في وقت حرج عبر هدف أحرزه كونستانتين زيريانوف في الدقيقة 63، قبل أن يعود أصحاب الأرض إلى المباراة بهدف سجله لاعب بنفيكا السابق البرازيلي غوستافو ماندوكا، وبعد دقيقتين فقط أحرز البرازيلي الآخر آيلتون ألميدا هدف أبويل الثاني ليحقق بطل قبرص أفضل انطلاقة ممكنة ويثبت جدارته منذ المرحلة الأولى في الدور الأول.

غادر أبويل قواعده في المرحلة الثانية لملاقاة شاختار المعروف بقوته وشراسته على أرضه ووسط جماهيره، ورغم ذلك عاد بطل قبرص واثبت مجدداً أنه ليس بالصيد السهل، وذلك بعد أن فرض التعادل على الفريق الأوكراني بهدف لهدف، بل إن أبويل كان هو صاحب السبق في التسجيل عن طريق مهاجمة المقدوني إيفان تريكوفسكي في الدقيقة 62 قبل أن يتعادل شاختار سريعاً بهدف سجله البرازيلي الدولي جادسون في الدقيقة 64.

وجاء الاختبار الأصعب لفريق العاصمة القبرصية عقب ذلك في المرحلة الثالثة عندما خرج لمواجهة بورتو البرتغالي حامل لقب الدوري الأوروبي ومجدداُ أثبت لاعبو أبويل أنهم رقم صعب في المجموعة حيث اقتنصوا تعادلاً بطعم الفوز بهدف لهدف، وافتتح نجم بورتو المهاجم البارز البرازيلي غيفانيلدو فييرا هالك التهديف في الدقيقة 13، ثم ما لبث أن تعادل آيلتون لأبويل في الدقيقة 16، وكرر الفريقان المواجهة ولكن هذه المرة ضمن المرحلة الرابعة على أرض الفريق القبرصي،  الذي تمكن من تحقيق واحدة من أهم وأفضل نتائجه على مدار مشاركته في دوري الأبطال بفوزه بهدفين مقابل هدف، وكعادة جميع مباريات أبويل جاء لقاء الإياب أمام بورتو عامراً بالإثارة وبالكفاح والندية حيث عاود آيلتون ألميدا التألق وأحرز هدف التقدم لفريقه في الدقيقة 42 قبل أن يتعادل هالك لبورتو في الدقيقة 89، وبعد أن ظن الجميع أن اللقاء سينتهي بالتعادل الإيجاب تمكن غوستافو من إحراز الهدف الثاني لأبويل في الدقيقة 90.

هدف غوستافو صعد ببطل قبرص إلى صدارة المجموعة السابعة بعد انتهاء المرحلة الرابعة برصيد ثماني نقاط، متقدماً بفارق نقطة واحدة أمام زينيت وأربع نقاط كاملة أمام بورتو بينما قبع شاختار في المركز الرابع والأخير برصيد نقطتين فقط، فأصبح بذلك أبويل على أعتاب تحقيق إنجاز تاريخي ليس على صعيد مشاركات الفريق الأوروبية فقط، بل أيضاً على صعيد إنجازات كرة القدم القبرصية بشكل عام.

أرقام لها معنى

بالتأكيد فإن المتابع والمحلل للإحصاءات والأرقام الناتجة عن مشاركة أبويل حتى الآن يدرك إلى أي حد تمكن هذا الفريق من تنمية قدراته المحدودة، والارتقاء بمستواه حتى استطاع أن ينافس الكبار ويتفوق عليهم، فقد أثبت الفريق أن العبرة ليست بأسماء النجوم أو بالنتائج السابقة، ولكن العبرة دائماً بالقدرة على استغلال نقاط القوة حتى ولو كانت قليلة لتحقيق الأهداف المنشودة، فقد خاض أبويل أربع مباريات حتى الآن منذ انطلاق دور المجموعات سجل خلالها ستة أهداف ودخل مرماه أربعة، ووضح تماماً أن مدربه الصربي إيفان يوفانوفيتش البالغ من العمر 62 عاماً يعتمد بشكل واضح على الدفاع المنظم والانكماش في وسط ملعبه، ثم الانطلاق بهجمات سريعة منظمة لتسجيل أهداف خاطفة بأقل عدد من التمريرات.

وأكبر دليل على ذلك أن الفريق القبرصي ورغم أنه حصد حتى الآن ثماني نقاط متساوياً بذلك مع فرق كبيرة ومرشحة للتتويج بكأس البطولة مثل مانشستر يونايتد الإنكليزي (الأول في المجموعة الثالثة) وتشلسي الإنكليزي (الأول في المجموعة الخامسة) ومواطنهما آرسنال (الأول في المجموعة السادسة) وميلان الإيطالي (الثاني في المجموعة الثامنة)، فإن أبويل يأتي في المرتبة السادسة والعشرين بين جميع الفرق المشاركة في البطولة من حيث نسبة الاستحواذ والتي كانت (44% فقط) كما أن الفريق جاء في المرتبة 26 أيضاً من حيث وقت الاستحواذ على الكرة حيث ظلت الكرة في أقدام لاعبيه طوال 108 دقيقة فقط من أصل 360 دقيقة خاضها في دور المجموعات.

وعلى الرغم من قلة استحواذ الفريق على الكرة فإنه يأتي في المركز العاشر من حيث قوة خط هجومه برصيد ستة أهداف بمتوسط 1.5 هدف في المباراة الواحدة، متساوياُ مع فرق مثل إنتر ميلان الإيطالي بطل النسخة قبل الماضية ومانشستر سيتي ونابولي وبنفيكا.

كما أن أبويل أثبت أن العبرة بإحراز الأهداف، إذ أن الأرقام والإحصاءات في المراحل الأربع الماضية كانت كاشفة لمفارقة شديدة الغرابة حيث أن أبويل أحرز أهدافه الستة من أصل سبع محاولات على المرمى بينما يأتي فريق زينيت في المركز الأول بين كل الفرق المشاركة في البطولة من حيث عدد المحاولات على المرمى برصيد 41 محاولة.

وأخيراً فبالتأكيد أن أبويل لم يحسم تأهله بعد إلى الدور الثاني بشكل نهائي، إلا أن ما قدمه حتى الآن يمثل إنجازاً بكل المقاييس ويوضح أن كرة القدم لا تعترف بالأسماء أو بالتوقعات المبنية على مستويات سابقة، وإنما تعترف بالنتائج في المقام الأول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق