الدوري الاسباني

أنا زلاتان (3) | مورينهو هو المضاد لجوارديولا

توقفنا في الحلقة الثانية من كتاب “أنا زلاتان” عند الوصول إلى ميلانو لمواجهة الإنتر في نصف نهائي دوري الأبطال، إبراهيموفيتش بدأ الحديث عن المباراة وقبل أن يسترسل عرّج قليلًأ للحديث عن جوزيه مورينهو وهو ما نبدأ به الحلقة الثالثة.

إبرا قال عن المدرب البرتغالي “مورينهو نجم كبير وقد فاز بالفعل بدوري الأبطال مع بورتو وكان مدربي في الإنتر. هو شخص جميل. خلال المرة الأولى التي قابل فيها زوجتي هيلين همس في أذنها قائلًا “لديك مهمة واحدة وهي تغذية إبرا وجعله ينام جيدًا وجعله سعيدًا”. الرجل يقول ما يُريد وذلك يُعجبني، أنا أحبه فهو قائد جيش وفي نفس الوقت يهتم باللاعبين لديه ويسأل عنهم دومًا. لقد كان يُرسل لي ويسأل عني وعن مشاعري دومًا في الإنتر، في الحقيقة إنه الشخص المضاد لجوارديولا … لو أنار مورينهو غرفة ما فإن جوارديولا يُسدل الستائر وقد خمنت وقتها أن جوارديولا يُحاول الآن أن يُقارن ويقيس نفسه بمورينهو”.

عاد اللاعب للحديث عن المباراة والأحداث قبلها قائلًا “جوارديولا تحدث معنا قبل اللقاء وقال “نحن لا نلعب ضد مورينهو، بل ضد فريق الإنتر”، تحدث كما أننا نعتقد أننا سنواجه مدرب وليس فريقًا لكرة القدم !!. بعدها بدأ الحديث عن أمور فلسفية … كنت أستمع إليه بملل، ولماذا علي أن أستمع؟ كانت عبارة عن حماقات مبالغ بها عن الدم والعرق وتلك الأمور التي لم أسمع عنها من أي مدرب بهذا الشكل .. كانت مجرد تفاهات قذرة”.

اللاعب واصل “الآن الأمر يعتمد علي فعلًا، كانت التدريبات الأخيرة في سان سيرو حيث الناس هناك تشاهدني وتقول “عاد إبرا”، وهنا جاء جوارديولا ودار ذلك الحوار بيننا ..

جوارديولا: هل أنت جاهز لتلعب من البداية؟
إبرا: بالتأكيد، أنا جاهز.
جوارديولا: لكن هل أنت جاهز؟
إبرا: بالتأكيد، أشعر جيدًا.
إبرا يصف الوضع هنا قائلًا “كان يُكرر الكلام مثل الببغاء” ولذا قلت له بوضوح: استمع لي، كانت رحلة ميؤوس منها لكني في المستوى. تعافيت تمامًا من الإصابة وأنا مستعد لبذل قصارى جهدي.

ثم أكمل الحديث عن اللقاء المنتظر قائلًا “شعرت أنه متردد ولديه شكوك ولذا تركته ومن ثم تحدثت مع مينو رايولا، في السويد يقولون أن رايولا يعكس صورة سيئة لإبراهيموفيتش لكني أقول لكم أنه عبقري. قلت له “ماذا أفعل يا رجل”، لكن كلانا لم يفهم ما حدث”.

تابع “لعبت من البداية أمام الإنتر وتقدمنا بهدف لكن بعدها هُزمنا 3-1، خرجت في الدقيقة الـ60 .. كانت حماقة أخرى. كنت غاضبًا للغاية ولكن لحسن الحظ أن هيلينا والأطفال معي لأني حين كنت أغضب في أياكس كنت أستمر في تلك الحالة لأيام وأسابيع لكن العائلة ساعدتني على تخطي تلك المحنة. لقد ساعدوني على النسيان والتركيز على مباراة العودة في الكامب نو والتي كانت مهمة للغاية وكنا جميعًا نستعد لها يومًا بعد يوم .. كانت معركة حياة أو موت بالنسبة لنا ولذا كانت الضغوطات هائلة. كنا بحاجة لفوز كبير ولكننا انتصرنا بهدف واحد فقط ولذا خرجنا من دوري الأبطال”.

إبرا أضاف عن الوضع والنظرة إليه عقب الخسارة أمام الإنتر “بعد المباراة، بدأ جوارديولا ينظر إلي وكأني المُذنب الوحيد !! هنا فكّرت وقلت لنفسي “الآن كُشفت جمبع الأوراق”. شعرت بعد المباراة أنني لم أعد مرحبًا بي في النادي وبت أشعر بالغثيان حين أقود سيارتهم الآودي وكذلك أشعر بالحماقة وأنا جالس في غرفة الملابس أستقبل نظرات جوارديولا التي تراني مضطربًا وغريبًا عن الفريق .. كان كالحائط، الحائط الحجري الذي لم يمنحني أي إشارة للحياة .. أنا لم أعد زلاتان أبدًا”.

اللاعب انتقل لفصل جديد من العلاقة مع المدرب الإسباني، قائلًا “جاءت مباراة فياريال والتي جعلني ألعب 5 دقائق خلالها .. نعم، 5 دقائق فقط !!، لقد أغضبني ذلك حقًا .. ليس لأنه أجلسني على مقاعد البدلاء فأنا أتقبل تلك القرارات لكن لو جاء وقال لي “أنت اليوم سيء زلاتان، ستجلس على مقاعد البدلاء”، لكنه لم يتحدث بأي كلمة وهنا قلت كفى وشعرت بالغضب يجتاح جسدي ولو كنت مكان جوارديولا وقتها لأصبت بالخوف .. ليس لأني مقاتل، قد فعلت كل شيء ممكن إلا القتال والشجار .. قاتلت فقط على أرض الملعب. ولكني كنت غاضبًا جدًا وأنا حين أغضب لا أرى وهنا عليك أن تختفي من المنطقة وإن تواجدت فعليك الحذر قليلًا”.

إبرا واصل وصف تلك الليلة المثيرة قائلًا “ذهبت مباشرة إلى غرف الملابس لكن لم يكن في رأسي أي فكرة مجنونة محددة، فقط لم أكن سعيدًا وقد وصلت إليه بهدوء وهنا رأيت خصمي أمامي وفكرت في أن أجرح رأسه الأصلع .. لم يكن هناك الكثير من اللاعبين في غرفة الملابس، فقط توريه والبعض. دخلت الغرفة وواجهت أولًا الصندوق المعدني الذي نضع به ملابسنا وقد ركلته بقوة حتى أني قذفته 3 أمتار للأمام ولكني لم أكتف بذلك حتى لو كانت ركلة قوية وهنا بدأت بالصراخ قائلًا “أنت جبان .. أنت لست رجلًا”، بل قلت ما هو أسوأ من ذلك. قبل أن أضيف “أنت تخاف من مورينهو وتتبول على نفسك حين تواجهه. اذهب إلى الجحيم”.

يُضيف “كنت مجنونًا تمامًا وقد توقعت أن يرد جوارديولا بأي كلمة، شيء مثل “اهدأ” أو “لا يجب أن تُحدث مدربك هكذا”، لكنه لم يتحدث أبدًا بل حمل الصندوق المعدني وبعض المعدات وخرج من الغرفة ولم نتحدث عن الأمر أبدًا أبدًا. لكن بالتأكيد ما حدث انتشر وبدأ الجميع يتحدثون عنه وحين صعدت للقاطرة كان الجميع يسأل “ماذا حدث، ماذا حدث” وقد رددت عليهم “لا شيء، فقط قلت له بعض الحقائق والتي لن أتحدث عنها”. كنت غاضبًا للغاية”.

ليلة عاصفة للغاية، قال إبرا عما حدث بعدها “بعد تلك الليلة وأسبوع بعد أسبوع تم تجميدي من جانب مدربي دون شرح الأسباب. كنت أقاتل الأرض من قبل لكن الآن وبعد ما حدث حاولت فقط البقاء في حالة هدوء وطمأنينة ومن ثم فكرت وقلت لنفسي “أنا صاحب 28 عامًا الآن وقد أحرزت 22 هدف وصنعت 15 هنا في برشلونة ولازلت أعامل كما أنني لست موجودًا، هل علي تحمل ذلك؟ هل علي أن أواصل التأقلم على أجواء الفريق؟ لا مجال”.

إبرا أوضح بداية تمرده قائلًا “حين أدركت أنني سأكون على مقاعد البدلاء ضد العامرية تذكرت جملة “هنا في برشلونة لا نأتي للتدريبات بالفيراري أو البورش” وهنا سألت نفسي “ماذا سيُكلفني الأمر؟ لماذا لا أفعل ما أريد؟ على الأقل أحطم بعض تلك القوانين الغبية” … هنا استقليت سيارتي الإنزو وملأتها بالوقود وانطلقت بها للتدريبات ووضعتها أمام الباب الخارجي لمركز التدريب وقد أثار الأمر انتقادات واسعة بالتأكيد حتى أن الصحف كتبت أن ثمن سيارة زلاتان يساوي رواتب لاعبي العامرية بالكامل لكني لم أهتم بالأمر لأن الصحافة كانت عنصر صغير فيما يحدث وأنا قررت استعادة نفسي”.

السويدي أضاف “قررت أن أبدأ القتال بجدية وأنتم تعلمون أنني قادرًا عليه .. صدقوني، كنت رجلًا قويًا وعنيدًا من قبل. ولأجل ذلك لم أبخل أبدًا في التدريبات وبعدها تحدثت مع مينو رايولا فقد اعتدنا القيام ببعض الألعاب الذكية والقذرة معًا .. كذلك تحدثت مع بعض الأصدقاء لأني أردت رؤية الأمور من جميع الزوايا ووقتها .. يا إلهي على كم النصائح التي تلقيتها، حتى أن أصدقائي من روزينجراد (المدينة التي كان يسكن بها في السويد) أرادوا القدوم إلى برشلونة وتسوية الأمور لكني لم أراها الاستراتيجية المناسبة في ذلك الوقت”.

تابع “وبالتأكيد تحدثت مع زوجتي هيلينا لأنها كانت من عالم آخر .. هي جميلة ولكنها تستطيع أن تكون قوية أيضًا وقد قالت لي “على الأقل عليك أن تكون أبًا أفضل. حين لا تجد فريقًا ترتاح به تعال واصنع فريقًا معنا” .. كنت سعيدًا بما قالت. لعبت الكرة كثيرًا مع أطفالي وحاولت الاطمئنان عليهم وضمان سير كل شيء على ما يُرام وبالتأكيد كان لي وقتًا مع ألعاب الفيديو الخاصة بي”.

وأضاف عن عشقه لألعاب الفيديو “ألعاب الفيديو تُمثل مرضًا بالنسبة لي، فقد اندمجت معها كثيرًا ولكن بعد عدة سنوات في الإنتر وبعدما كنت أسهر على الألعاب حتى الرابعة أو الخامسة صباحًا وبالتالي أذهب للتدريبات مع ساعتين أو ثلاثة فقط من النوم وضعت لنفسي قانونًا صارمًا وكان بمنع اللعب بالإكس بوكس أو البلاي ستيشن بعد العاشرة مساءًا”.

أخيرًا كان ختام الفصل الأول “قررت ألا أضيع المزيد من الوقت، وفي ذلك الأسبوع في إسبانيا حاولت أن أضع نفسي طوع العائلة وأن أحاول الاسترخاء في حديقتنا .. ذلك كان الجانب الجيد في حياتي ولكن حين كنت أحاول النوم ليلًا أو أرى جوارديولا في التدريبات كنت أستعيد فورًا التفكير بالجانب المظلم في حياتي وهنا تبدأ الأفكار الغاضبة تُراودني وتدفعني للتفكير بالثأر والانتقام … لكن لا، تحملت الكثير والكثير والآن لا مجال للتراجع وقد حان الوقت لأقف مع نفسي وأستعيد شخصيتي من جديد”.

أخيرًا كتب إبرا جملة قد تُعبر عن كامل مسيرته في البارسا وربما مسيرته بالكامل، فقد كتب “عليكم أن تذكروا، قد تُخرجوا الطفل من الحي الذي يسكن به ولكن لا يمكنكم إخراج عقلية الحي من الطفل”.

انتهى هنا الفصل الأول، نبدأ في الحلقة القادمة ترجمة الفصل الثاني المتعلق بطفولة ومراهقة إبراهيموفيتش، فصل نستطيع أن نفهم من خلاله الكثير عن شخصية إبرا كادابرا ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق